أكتبُ
عن البنت،
عن أنفاسها الضحلة،
تلكّعها في طريقها للقاء الحبيب
كي تتأخر عنه قليلًا فلا تصل قبله
عن رجفة جفنها التي لا يلحظها سواها
وتخشى ألا تعجبه
أكتبُ
عن الولد،
لهاث خطواته إلى البنت التي أتت إليه منذ قليل،
عن حبّات العرق التي ترسمه بَطَل خرافةٍ زرقاء
ركض خلالها
أليها
أكتب عن أمي التي لا تكف عن المكوث في المطبخ
كأنه الرقية التي تحفظنا بها..
من الرجال السيئين
والأنيميا
أكتب عن الفراشات التي تقف على صدغ القمر
فلا تحركها الحكايات
أكتب وأروح في النوم
مرتاحة البال
لأصحو..
على فتىً تُشرف الحياة على موته بحرفنة عالية،
لأجد بيت جدتي الأثري يباع لدى تجار الرقيق،
مسبحة أبي في عنق رجلٍ غير عربي
يتكسُر في مشيته،
حبيبي محاطٌ بالسلاسل وقوات الأمن،
أمي تخيط لأبناء الجيران ملابس أخرى من أوراق الخضار الذي تطبخ به
بدلًا من ملابسهم التي احترقتْ في بيانٍ أسود
لمجلس الشعب،
كتبي وكراساتي مدسوسةٌ فيها أختام الحزب الوطنيّ،
صورة زفافي..
شُطبتْ الزهور من خلفيتها
واستبدلتْ بسعر اللحوم اليوم،
أخي يتغنى بنشيدٍ وطنيٍّ لبلادٍ لم أسمع عنها
ويحيِّي قطعة قماشٍ معلقة من رقبتها
يسمّونها عَلَم،
أنظر في وجوه السائرين حولي
بشارع كمال حجاب
الذي لن أعرف من هو أبدًا على كل حال
كما هو حال كل شيءٍ في بلادي
أجد بقع الأمراض مدسوسةٌ في كفوفهم
يغلقون أصابعهم عليها بلا حذر
ويشربون نفس الماء
ويأكلون نفس الذي يأكلون!
ورغم ذلك..
خلفية المشهد دائمًا أغنية متفائلة لصفاء أبو السعود
أو لحن..
بلادي بلادي
لكِ حبي وفؤادي
..